قالت دار الإفتاء المصرية إنه يجوز إعطاء الزكاة لغير المسلمين من المواطنين المحتاجين إلى العلاج أو الوقاية من عدوى كورونا وغيرها من الأمراض وكذلك في كفايتهم وأقواتهم وسد احتياجاتهم، أخذًا بظاهر آية الزكاة الكريمة التي لم تفرق بين مسلم وغير مسلم، وعملاً بمذهب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إجرائه أموال الزكاة لسد حاجة غير المسلمين من مواطني الدولة آنذاك، وهو مذهب جماعة من السلف الصالح وبعض فقهاء المذاهب المعتبرين.
وأوضحت الدار في أحدث فتاواها أن جماعة من الفقهاء أجازوا دفع الزكاة لغير المسلم إذا كان من مستحقيها؛ استدلالًا بعموم آية مصارف الزكاة التي لم تفرق بين المسلمين وغيرهم؛ حتى أن الإمام الرازي في "تفسيره" وضح أن عموم قول الله تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ يشمل المسلم وغير المسلم.
وأشارت دار الإفتاء إلى أن هذا الرأي هو المشهور من مذهب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومحمد بن سيرين، والزهري، وجابر بن زيد، وعكرمة، وابن شبرمة، من التابعين، وهو قول الإمام زُفَر صاحب الإمام أبي حنيفة رحمهم الله تعالى.
وقالت الدار في فتواها: "فإذا كان سيدنا عمر رضي الله عنه أعطى غير المسلمين من أهل الذمة من الزكاة سدًّا لحاجتهم وجبرًا لخلتهم، فإنه يجوز ذلك للمواطنين من باب أولى وأحرى؛ خصوصًا في أزمنة الكرب والأوبئة والمجاعة التي تستوجب من المسلم الوقوف مع إخوانه وجيرانه المواطنين من أهل بلده؛ فإن المواطنة تفرض على المسلم حقوقًا لمواطنيه؛ منها التناصر والتآزر والتعاون والمواساة ورد التحية والنصيحة وحسن الخلق والمعاملة بالمعروف، والدفاع عنه وعن حرماته وأمواله، ورعاية المرضى، وعيادتهم، وتشييع الجنائز والبر والرحمة والتخفيف عن أهل المتوفى في مصابهم، وذلك من حقوق الإنسان على أخيه الإنسان".
وأضافت أنه لا يخفى أن القضاء على الأمراض والأوبئة الفتاكة من أهم مقومات حياة الإنسان ومعيشته، وفيه تحقيق لأعظم المقاصد الكلية العليا للشريعة الغراء وهو حفظ النفس؛ لذلك يُشرع لهم حق من أموال الزكاة والصدقات، ويتعيَّن ذلك على الأغنياء إذا لم يندفع بزكاة بيت المال.
واستدلت الدار بما روي عن أبي بكر العبسي قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يميز إبل الصدقة ذات يوم، فلما فرغ انصرف فمر برجل من أهل الكتاب مطروح على باب، فقال له عمر: "مالك؟"، فقال: استكدَوْني وأخذوا مني الجزية حتى كُفَّ بصري، فليس أحد يعود على بشيء! فقال عمر: "ما أنصفنا إذن"، فأمر له بقوته وما يصلحه، ثم قال: "هذا من الذين قال الله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ﴾، الفقراء: هم زمنى أهل الكتاب"، ثم أمر له برزق يجري عليه. أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" مطوَّلًا، وأخرجه سعيد بن منصور في "السنن"، وابن أبي شيبة في "المصنف" مختصرًا.
كما ذكرت دار الإفتاء في فتواها العديد من النقول والأدلة التي ذكرها الفقهاء في كتبهم عن جواز إعطاء غير المسلمين من أموال الزكاة، ومنها ما روي عن الإمام أبي يوسف القاضي في كتاب "الخراج" (ص: 139، ط. المكتبة الأزهرية للتراث) عن أبي بكرة قال: مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بباب قوم وعليه سائل يسأل؛ شيخ كبير ضرير البصر، فضرب عضده من خلفه، وقال: "من أي أهل الكتاب أنت؟" فقال: يهودي، قال: فما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: أسأل الجزية والحاجة والسن، فأخذ عمر بيده، وذهب به إلى منزله فرضخ له بشيء من المنزل، ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال: "انظر هذا وضرباءه؛ فوالله ما أنصفناه؛ أن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم! ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ﴾، والفقراء: هم المسلمون، وهذا من المساكين من أهل الكتاب"، ووضع عنه الجزية وعن ضربائه. قال أبو بكرة: "أنا شهدت ذلك من عمر رضي الله عنه ورأيت ذلك الشيخ".
وأضافت دار الإفتاء أن هذا الأمر يتأكد عند حلول الوباء بمواطني الدولة من غير المسلمين؛ كما فعله سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع المصابين بالجُذام من غير المسلمين من كفايتهم من أموال الزكاة.
ولفتت الدار إلى ما رواه الإمام البلاذري في كتابه "فتوح البلدان" (1/153، ط. لجنة البيان العربي) قال: حدثني هشام بن عمار أنه سمع المشايخ يذكرون أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عند مقدمه الجابيةَ من أرض دمشق، مر بقوم مجذَّمين من النصارى، فأمر أن يعطوا من الصدقات، وأن يجرى عليهم القوت.
وذكرت الفتوى كذلك ما روي عن جابر بن زيد: أنه سئل عن الصدقة فيمن توضع؟ فقال: "في أهل المسكنة من المسلمين وأهل ذمتهم"، وقال: "قد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقسم في أهل الذمة من الصدقة والخمس" أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف".
وأوضحت أن المقصود هو إغناء الفقير المحتاج على طريق التقرب، حسبما ذكر العلامة السرخسي الحنفي في "المبسوط" بأنَّه يُجَوِّزُ دفع الزكاة إلى غير المسلم وهو القياس.
كما أشارت دار الإفتاء في فتواها إلى أن الإمام القرطبي المالكي في تفسيره، والعلامة العمراني الشافعي في كتابه "البيان" وغيرهما ذكروا أنه رخص للمسلمين أن يعطوا غير المسلمين من قراباتهم من صدقة الفريضة حسبما قال الإمام الزهري وابن سيرين.
وقالت دار الإفتاء: "لا يخفى أن التنوع البشري واختلاف الديانات هو من السنن التي أرادها الله في خلقه، وإعمار الكون وتحقيق مبدأ الاستخلاف في الأرض إنَّما يكون على وفق ما أراده الله تعالى؛ كما قال سبحانه: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾ [هود: 118، 119].
وأضافت أن الدين الإسلامي ضرب أروع المُثُل في التعاون والتعايش وحسن المعاملة لأصحاب الديانات الأخرى، فمنذ أن تأسست الدولة في المدينة المنورة وتوطدت أركانها، ورسَّخت مبدأ المواطنة القائم على التناصر والتآزر والتعاون، جعلت لرعاياها على مختلف طوائفهم حقوقًا وواجبات من الكفالة والرعاية والحماية، لم تفرق في ذلك بين المسلمين وغيرهم.
______________________
هيئة كبار العلماء بالأزهر تجيز صلاة العيد في المنازل والإفتاء المصرية تبين هيئتها
أصدرت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف برئاسة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر ،الأحد، بيانًا للمسلمين حول العالم بشأن الأحكام المتعلقة بصلاة العيد في ظل استمرار تفشي فيروس «كورونا المستجد»، انطلاقًا من مسئوليتها الشرعية وواجبها الديني.
وقالت هيئة كبار العلماء في بيانها، إنه يجوز أداء صلاة عيد الفطر المبارك في البيوت، بالكيفية التي تُصلى بها صلاة العيد، وذلك لقيام العذر المانع من إقامتها في المسجد أو الخلاء، ويجوز أيضا أن يُصليها الرجل جماعة بأهل بيته، كما يجوز أن يُؤدِّيها المسلم منفردًا، وذلك انطلاقا من أن أعظم مقاصد شريعة الاسلام حفظ النفوس وحمايتها ووقايتها من كل الأخطار والأضرار.
وأوضحت الهيئة أنه لا تشترط الخطبة لصلاة العيد، فإن صلى الرجل بأهل بيته فيقتصر على الصلاة دون الخطبة، مؤكدة أنه إذا صلى المسلم صلاة العيد منفردًا أو جماعة بأهله في بيته، فإنه يصليها ركعتين وبالتكبيرات الزوائد، وعدد التكبيرات الزوائد سبع في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام، وخمس في الركعة الثانية بعد تكبيرة القيام إلى الركعة الثانية، مضيفة أن وقت صلاة العيد هو وقت صلاة الضحى، يبدأ من بعد شروق الشمس بثلث ساعة ويمتد إلى قبيل أذان الظهر بثلث ساعة، فإن دخل وقت الظهر فلا تصلى؛ لأن وقتها قد فات.
ودعت هيئة كبار العلماء بالأزهر، المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، إلى التضرع إلى الله في هذه الأيام المباركة بالدعاء لرفع ما حل بالإنسانية من البلاء، وأن يُسارعوا لفعل الخيرات والإكثار من الصدقات ومساندة المرضى والمعوزين، تخفيفًا لما حل بهم من آثار هذا الوباء، داعين الله أن يرفع البلاء عن الإنسانية كلها، وأن يحفظ بلادنا والناس جميعًا من هذا الوباء، ومن جميع الأمراض والأسقام.
فيما بينت كذلك دار الإفتاء المصرية، شروط وكيفية تأدية صلاة وتكبيرات عيد الفطر داخل المنزل.
وكشف الأستاذ الدكتور شوقي علام – مفتى مصر رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم - عن شروط صلاة وتكبيرات العيد داخل المنازل، في ظل عدم إمكانية إقامتها في المساجد بسبب الإجراءات الاحترازية لفيروس كورونا المستجد المسبب لمرض "كوفيد 19".
وتابع مفتي مصر: "في حال عدم وجود صلاة للعيد بسبب جائحة فيروس كورونا فمن الممكن أن يتم التكبير داخل المنازل داخل الأسرة الواحدة".
واستمر بقوله "صلاة العيد في المنزل جائزة، ويمكن إقامة تكبيرات العيد بصورة عادية كما لو كانت في المساجد، وسيحصل الجميع على أجر الصلاة".
واستدرك قائلا: "الاختلاف بين العلماء في مسائل الخلاف رحمة للأمة ويعطي مرونة وتصب في مسألة التكامل البنائي للمجتمع."
واستدرك علام قائلا "قضية الرحمة المأخذوة من الاختلاف مسيطرة على الأذهان كافة وطالما يتم تحسين إدارة هذا الخلاف، عبر إدارة وذكية ورشيدة وحضارية سوف يثمر هذا الخلاف عن عطاء وبناء، وفي حال العكس سنكون أمام أزمة، ففي عدد المناطق قد نحدث أزمة بسبب الخلاف الفقهي لأنه لم يتم استثمار هذا الخلاف فيما قصد له من ضمن ذلك إخراج زكاة الفطر طعاما ونقود".
وكشف مفتي مصر أنه يتم استثمار هذا الخلاف ففي كل بيئة ما يناسبها من الأقوال، ففي بيئة ريفية يمكن أن يكون الطعام والحبوب لها القيمة الكبيرة، ويتم إخراج الزكاة حبوب وفي مناطق أخرى يتم إخراج الزكاة أموال.
أما عن شروط وتكبيرات العيد، فقال علام: "هناك من يردد الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر لا إله الله إلا الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، وهناك من يزيد الله اكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا، ومن يقول إن من هذه التكبيرات البدع فقد أحدث أزمة، فالإمام الشافعي عندما سئل عن التكبيرات التي يكبر بها المصريون قال إن كبر بها كما يكبر الناس فهو حسن".
_____________
الإفتاء الأردنية: إجراء فحص كورونا في نهار رمضان لا يبطل الصوم
قالت دائرة الإفتاء الأردنية أنه من خلال البحث والنظر والسؤال، تبيّن لنا أنّ فحص الكورونا لا يفطر الصائم؛ لأنّ أداة الفحص الجافة التي تدخل من الأنف لا تصل إلى الحلق، وما كان كذلك فلا يعتبر من المفطّرات.
وأوضحت في فتوى لها أن اشترط السادة المالكية في المفطر أن يصل إلى الجوف، واشترط الحنفية استقرار الداخل في الجوف، وألا يبقى شيء منه في الخارج، وكلا الشرطين لا يتوافران في عملية الفحص؛ ولأنّ الصوم لا يبطل بالشكّ، لذلك من قام بفحص الكورونا عليه أن يُتمّ صومه، ولا شيء عليه.
_________________
الأوقاف المصرية تصدر كتاباً عن فقه النوازل يتناول المعالجات الفقهية لجائحة كورونا
أصدرت وزارة الأوقاف المصرية كتاب فقه النوازل – كورونا المستجد، نموذجاً شارك في كتابته نخبة من الفقهاء والباحثين المصريين بإشراف وزير الأوقاف الدكتور مختار جمعة.
وقدم للكتاب وزير الأوقاف المصري الدكتور مختار جمعة بقوله: للأحوال العادية أحكامها وللنوازل أحكامها والطامة الكبرى في انسداد أفق من لا حظ لهم من العلم النافع ممن جمدت عقولهم عند حفظ بعض المسائل أو الأحكام الجزئية دون أن يلموا بشيء من فقه الأولويات، أو فقه النوازل ولم يفقهوا شيئاً من قضايا الاستحسان والاستصحاب أو المصالح المرسلة أو ما علمت به البلوى دون أن يفرقوا بين الكليات والجزئيات.
وأضاف: ومن ثمة كان تأليفنا لهذا الكتاب بمشاركة نخبة من الأساتذة الفضلاء والباحثين المتميزين لإلقاء الضوء على جانب مهم من فقه النوازل والمستجدات في ضوء تلك النازلة التي اجتاحت معظم دول العالم (كورونا المستجد، كوفيد- 19) آملين أن يسهم في إلقاء الضوء على ما في ديننا من المرونة والسعة في التعامل مع النوازل والمستجدات، وبيان أن الفكر الإسلامي الرشيد قائم على مراعاة المصالح المعتبرة للبلاد والعباد، فحيث تكون المصلحة المعتبرة فثمة شرع الله، كما إننا في حاجة ملحة إلى الفهم المقاصدي للنصوص وإلى دراسة عصرية للقواعد الفقهية الأصولية وإعطائها الأولوية في مجال الدراسة الأكاديمية وفي مجال التدريب والتأهيل النوعي التراكمي المستمر بما يسهم في تكوين عالم عصري مستنير قادر على إعمال العقل في فهم النص في ضوء الحفاظ على ثوابت الشرع، مؤملين أن يكون الكتاب إضافة مهمة في بابه بصفة خاصة وفي مجال الدراسات الدينية بصفة عامة، وفي مجال الدراسات الدينية بصفة خاصة.
وتضمن الكتاب عدة مباحث في مجال فقه النوازل منها مبحث مقدمات في فقه النوازل لعميد كلية الدراسات الإسلامية السابق بجامعة الأزهر الدكتور محمد أبو عاصي، وتناول فيه صور مرونة الفقه الإسلامي التي يتميز بها بل وينفرد بها بين العديد من الوضعيات الفقهية حيث يتمتع بأن قواعده العامة ومنطلقاته الأصولية تتمتع بالمرونة التي تمنح الفقيه القدرة على التعامل مع المستجدات الزمانية، وتطرق البحث إلى مفهوم النوازل والفقيه في مواجهة النازلة وضوابط الحركة الفقهية بين يدي النازلة ومنطلقات الفقيه في مواجهة النازلة.
ومن مباحث الكتاب بحث فقه النوازل والمستجدات وحتمية الاجتهاد لوزير الأوقاف المصري الدكتور مختار جمعة، الذي تناول فيه الثابت والمتغير وهي من أهم القضايا التي يجب الوقوف عندها ببصيرة في ضوء أن النص المقدس ثابت والشروح والحواشي والآراء التي كتبت أو قيلت حول النص اجتهادات تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال، ودفع الهلاك المتوقع أولى من المشقة والأسباب والمسببات بين الإيمان والعلم والتدين المبني على الجهل، أو الهوى من أخطر الأدواء وصلاة الغائب عند النوازل وسد حاجات الفقراء وعلاج المرضى أولى الأولويات في الزكاة ورمضان في زمن الكورونا وكورونا وتعظيم ثواب الصدقة والمتاح والمباح والنظافة كسلوك حضاري.
وبحث مستجدات القواعد الفقهية في ضوء جائحة كورونا لعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الدكتور عبدالله النجار وتناول فيه مقتضيات الواقع الفقهي المعاصر في ضوء جائحة كورونا والأصول الضابطة للعمل بالرخصة في التكليفات الشرعية، مؤكداً أن هذا البلاء قد غدا سبباً للرخصة في أداء التكليفات الشرعية بما لا يجعل للقول بمخالفة وجوب العمل بها مكاناً أو مبرراً ولأن عدم العمل بالرخصة في أمور التكليف سيؤدي إلى محظور شرعي طالب الشارع المحافظة عليه أقوى مما طلب القيام به من أمور التكليف، وهو هنا فقد الحياة، فإن عدم الأخذ بالرخصة سوف يؤدي إلى أن يفقد الناس حياتهم، وذلك جراء الاختلاط في أداء العبادات واتباع العادات والمجاملات في المناسبات، وعرض النجار للآثار المترتبة على رجحان حفظ النفس، وتطرق إلى من مات بفيروس كورونا وقال: إن من مات بفيروس كورونا إذا كان قد اتخذ أسباب التشافي منه، ولم يفلح أو لم يتمن الموت بهذا الداء رجاء أن يكون من الشهداء فإنه يكون من ضمن الذين ورد ذكرهم في حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يبين فيه شهداء الأمة.
كما تضمن الكتاب مبحثاً بعنوان حكم صلاة فاقد الطهورين للباحث بالإدارة العامة للفتوى وبحوث الدعوة الدكتور عمرو مصطفى، وتناول فيه آراء الفقهاء في حكم الطهورين، أما زميله في الإدارة الدكتور أحمد عبد الهادي فقدم بحثاً بعنوان بعض أحكام الصلاة المتعلقة بالمريض والطبيب في زمن الأوبئة العامة وفيه تحدث عن صلاة المريض وأصحاب الأعذار، والحكم إذا عجز المريض عن الإيماء وحكم جمع المريض بين الصلوات والتخلف عن صلاة الجمعة والجماعة.
أما وكيل وزارة الأوقاف لشؤون الدعوة الدكتور أيمن أبو عمر فقد كتب مبحثاً بعنوان تغير الفتوى وعلاقته بتداعيات فيروس كورونا وبعض مسائل الزكاة أنموذجاً، وتطرق فيه لمسألة تعجيل الزكاة قبل حلول الحول وآراء الفقهاء في هذه المسألة وخلص فيه إلى الترجيح برأي القائلين بجواز تعجيل الزكاة قبل وقتها لما فيه المصلحة العامة وتحقيق مقصد الشرع الحنيف في رفع الحرج وسد الحاجة وإغاثة الملهوف وإعانة المحتاج، بينما كتب مدير عام التدريب بوزارة الأوقاف الدكتور أشرف فهمي مبحثاً بعنوان الحجر الصحي والعزل المنزلي في ضوء الشريعة وتناول فيه مشروعية الحجر الصحي والعزل المنزلي وموقف الصحابة من الحجر الصحي والعزل المنزلي، وحكم الهروب من الحجر الصحي وموقف ولي الأمر من ذلك وكتب مدير عام النشر بالمجلس الأعلى المصري للشؤون الإسلامية الدكتور أسامة الجندي مبحثاً بعنوان تقييد المباح، وكتب مدير عام الإدارة العامة للفتوى وبحوث الدعوة الدكتور خالد غانم مبحثاً بعنوان المتاجر بالأزمات بين فقه النوازل وفقه المآلات وتناول فيه المتاجرة بالأزمات وعلاقاتها بفقه النوازل والمآلات و"المتاجرون بالأزمات" واستغلال عقول المجتمع وتوجيهها من خلال ترويج الشائعات وبث الأكاذيب واحتكار أقوات الناس وقت الأزمات.
وكتب مدرس الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة مبحثاً بعنوان النوازل ورعاية المصالح وتناول فيه النوازل المتجددة والنصوص المتناهية ونازلة العصر فيروس كورونا ورعاية الإسلام لمصالح الناس.
إظهار الرسالة الأصلية
أدان رئيس المركز الإسلامي للدراسات والاعلام والأمين السابق للمجلس الشرعي في دار الإفتاء اللبنانية القاضي الشيخ خلدون عريمط، تهديد الحرم الابراهيمي وتسهيل اقتحامه وتهويده عبر مصادقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على إقامة مشروع استيطاني جديد في البلدة القديمة من مدينة الخليل والاستيلاء على أراضيها لإنشاء طريق خاصة إليه، واضعًا إياه في إطار سرقة العصر التي يمارسها ترامب ونتنياهو وتقوم اسرائيل في تطبيقها لابتلاع ما تبقى من أرض فلسطين المباركة بقضم أراضي الخليل للمزيد من تطويق الحرم الإبراهيمي.
وقال القاضي عريمط أن صفقة السرقة تمارس في ظل وضع عربي متأزم وحالة من الصراعات في العالم الاسلامي الذي تحول إلى محاور تأكل بعضها بعضًا، وأن فلسطين وحدها وأهلها المرابطين حول القدس ترفع رأسها لتقول: فلسطين بمساجدها وكنائسها ستبقى لأهلها الأصلاء سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو حتى يهودًا من أهلها الأساسيين.
وأكد أن الانقسام الفلسطيني من المؤلم وجوده، وأن الإلتفاف العربي حول القضية مفقود في هذه الأيام، وصحيح أن العالم الاسلامي مربك، ولكن الصحيح أيضا أن إرادة الله ستتحقق وسندخل المسجد الأقصى كما دخلناه أول مرة في عهد الفاروق عمر وكما دخلناه في عهد الناصر صلاح الدين لأن فلسطين هي وقف لله لا يمكن أن يتخلى عنها أو تباع أو يساوم عليها.
وأضاف: معركتنا مع الحركة الصهيونية لم تبدأ بعد من المؤسف، فأهل فلسطين ومعهم العرب مسلمون ومسيحيون قاتلوا الافرنجة مئتي عام لانقاذ فلسطين وتحررت بعد معركة حطين، فليعلم أصحاب سرقة العصر وصفقة العار اننا أحرار في هذا العالم وسنبقى صامدين وللعدالة قاصدين لا مئتي عام كما فعل أجدادنا، بل سنبقى في مواجهة العدو الصهيوني حتى ولو أربعمئة عام لتحرير كل بقعة من أرض فلسطين، واصفاً الصراع مع العدو بأنه صراع أجيال، فإنه يدعو الحركة الصهيواميركية والمحافظين الجدد في أميركا لأخذ العلم أيضًا بأن الأرض التي هي وقف لله لا يمكن أن تقهر مهما حاولوا الالتفاف حول مدينة الخليل والحرم الإبراهيمي، ومهما حاولوا ابتلاع أجزاء من الضفة الغربية، ومهما بنوا من أسوار حول المستوطنات لقطعان المستوطنين ومهما اشتد الحصار والقهر والاستيطان فإن النصر آت، وإن لم يتحقق في هذا الجيل فالأجيال القادمة ستحقق ارادة الله فيه.
واختتم القاضي خلدون عريمط حديثه بالقول: "يرونه بعيدًا بعيدًا ونراه قريبًا قريبًا بإذن الله وبهمة وصمود المرابطين في القدس وفي أرض فلسطين وأرض الشتات".